ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
كم رأينا أناسا يسعى الواحد ليدبر لأخيه المكائد والمصائب ولكن يشاء الله جل وعلا – أن ينجي من يشاء .
ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها .
· يحكى أن خدم بعض الملوك وجدوا طفلا في الطريق فألتقطوه فأمر الملك بتربيته وضمه الى أهل بيته وسماه (احمد اليتيم) فلما نشأ وظهرت عليه أمارات النجابة والذكاء فهذبه وعلمه . فضمه إليه وأصطفاه وأخذ عليه العهد أن يكون له وفيا وخادما أمينا وبعد ذلك قدمه في أعماله فصار حاكما على جميع حاشية الامير ومتصرفا في شؤون قصره .
وفي أحد الأيام أمره أن يحضر شيئا من بعض حجراته فذهب ليحضر ما أمره به . فراء بعض جواري الامير الخاصة به مع شاب من الخدم يفسقان ويزنيان فتوسلت إليه الجارية أن يكتم هذا الخبر ووعدته بكل ما يطلب وراودته عن نفسه لتأمن شره فقال لها . معاذ الله أن أخون الأمير و أزني في قصره وبجاريته وقد أحسن إلي . ؟
ثم تركها وانصرف على أن يكتم السر ولكن الجارية أوجست في نفسها خيفة وتوهمت أن أحمد اليتيم سيفشي أمرها للأمير فما كان إلا أن أنتظرت الأمير حتى حضر الى قصره ثم ذهبت إليه باكية شاكية فسألها ما خبرها ؟ فقالت : أن أحمد اليتيم راودها عن نفسها وكان يريد أن يقهرها على الزنا . فلما سمع الأمير ذلك غضب وأشتد غضبه وعزم على قتله ثم دبر قتله في الخفاء حتى لا يعلم الناس بقتله وبسبب هذا القتل .
فقال لكبير خدمة : اذا بعثت إليك أحدا بطبق يطلب منك كذا وكذا فأقطع رأسه وضع الرأس في الطبق وأبعث بها إلي فأجاب الخادم بالسمع والطاعة وفي يوم من الأيام أحضر الأمير أحمد اليتيم . وقال له أذهب الى فلان الخادم وقل له : يعطيك كذا وكذا . فأمتثل الأمر وذهب إلا أنه لقي في طريقه بعض الخدم فأرادوا يحكموه بينهم في أمر فأعتذر وقال : أنه مكلف بقضاء أمر الأمير فقالوا نبعث فلانا الخادم نائبا عنك ليحضر ما تطلبه حتى تفصل في شأننا فأجابهم الى ما طلبوا فأرسلوا واحدا منهم هو الشاب الذي سبق له الزنا بالجارية فلما ذهب أخذه رئيس الخدم الى المكان الذي أعده ثم قطع رأسه على غرة ثم وضعها في الطبق وغطاها وجاء بها الى الأمير فلما أبصر الطبق ورفع الغطاء فراء راسا غير رأس أحمد اليتيم فأحضر الأمير أحمد اليتيم فسأله عما فعل . فاخبره بما كان فقال الأمير : أتعرف لهذا الخادم ذنبا ؟ فقال نعم إنه فعل كذا وكذا مع الجارية . وسألاني بالله أن أكتم الخبر فلما سمع الأمير ذلك أمر بقتل الجارية وعاد الى ما كان عليه من محبة أحمد وإكرامه . وكانت هذه عاقبة الوفاء ونهاية الخيانة .
(ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)